يبدو أنّ غذاء البحر الأبيض المتوسط لم يعد وحده يتربّع على عرش أفضل الأنظمة الغذائية العالمية، إنما يوجد مُنافس قويّ له يتميّز بمبادئ فريدة من نوعها استقطبت أنظار العلماء الذين توصّلوا إلى نتائج مذهلة جداً: إنه الغذاء الياباني التقليدي. فما هي أبرز خصائصه وما المطلوب منكم تحديداً لاتّباع هذا النظام والاستفادة من إيجابياته؟
نتحدث كثيراً عن نظام البحر الأبيض المتوسط، ولكن قلّما يتمّ تسليط الضوء على منافع الغذاء الياباني الذي ينافس في الواقع أفضل أنواع الأنظمة! كيف لا واليابانيون يعيشون لوقت أطول ويتمتّعون بصحّة أقوى مقارنةً بسائر بلدان العالم؟
تبيّن أنّ اليابانيات يعشن 86,4 عاماً كمعدل مقارنةً بـ80 عاماً لدى الأميركيات، واليابانيين 79 عاماً مقارنةً بـ75 عاماً لدى الأميركيين. أمّا على الصعيد الصحّي، فالشعب الياباني لديه مستويات أقلّ من البدانة، والمشكلات المزمنة كترقق العظام وأمراض القلب، وبعض أنواع السرطان»، هذا ما قالته اختصاصية التغذية كريستال بدروسيان لـ«الجمهورية»ا
لكن ما سرّ هذه الحياة الطويلة والصحّية التي يخبّئها الغذاء الياباني؟ أكّدت بدروسيان أنّ «اتباع الخطوات التالية التي يتمسّك بها الشعب الياباني سيحسّن حتماً حياتكم نحو الأفضل
أكل السمك بكمية أكبر
يعتقد الجميع أن الأرزّ هو الطعام الأكثر استهلاكاً في اليابان، لكنّ الحقيقة هي أن السمك هو الذي يتصدّر الأطباق اليابانية. يبلغ معدل استهلاك الشخص الواحد في اليابان نحو 69,8 كلغ من السمك في السنة مقارنةً بـ15,8 كلغ للكمية العالمية التي يتناولها الأشخاص سنوياً. ففي حين أنّ الشعب الياباني يشكّل فقط 2 في المئة من سكان العالم، إلا أنه يحصل على 12 في المئة من السمك عالمياً. يُشار إلى أنّ Dهذه المأكولات غنيّة بالأوميغا 3 التي تُطيل العمر وتحسّن صحّة الإنسان وتزوّده بجرعات عالية من أهمّ المغذّيات خصوصاً الفيتامين
البروتين النباتي
خصوصاً التوفو اللافت أنّ منطقة أوكيناوا التي يعيش سكانها لوقت طويل هي الأكثر استهلاكاً للتوفو الذي يُعتبر طعاماً مثالياً بما أنه قليل الوحدات الحرارية والدهون المشبّعة وخال من الكولسترول، وفي المقابل هو غني بالبروتينات والمعادن خصوصاً الكالسيوم ويحتوي كل الأحماض الأمينية الأساسية. بدلاً من تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء الغنية بالدهون المشبّعة، يمكن الإستعانة ببروتينات صحّية أكثر. عموماً، إنّ منتجات الصويا تشكّل بدائل مثالية للبروتينات الحيوانية لأنها خالية من الدهون وتقلّل من خطر التعرّض لأمراض القلب والكولسترول
الخضار والأعشاب البحرية
يستهلك اليابانيون 5 مرات أكثر كمية الخضار التي تنتمي إلى العائلة الكرنبية، كالملفوف والبروكولي، مقارنةً بالأميركيين. وتشتهر هذه الأطعمة بقدرتها على الوقاية من السرطان، خصوصاً المصران والرئة والبروستات. كذلك يولون اهتماماً كبيراً للطحالب والأعشاب البحرية، كالنوري والوكامي، الغنية بكمية مدهشة من المعادن والفيتامينات، وفي المقابل هي قليلة الوحدات الحرارية. في الواقع يشبّه العلماء هذه الأعشاب البحرية بـ»حبوب الفيتامين الطبيعية»
الأرزّ
تبيّن أنّ اليابانيين يتناولون الأرزّ 6 مرات أكثر من الأميركيين. لكن ما المهمّ في هذا الموضوع؟ في الواقع إنّ المصدر الأساسي للكربوهيدرات لدى الغرب هو الخبز والبطاطا، والمشكلة أنه يُضاف غالباً إلى هذه المأكولات الزبدة والملح والزيت. ويُعتبر الطحين الأبيض والقمح المكرّر من أهمّ أسباب البدانة في أميركا. أمّا اليابانيون فيحصلون فقط على الأرزّ المطبوخ بواسطة المياه من دون زيادة الملح. بدلاً من تناول الخبز على كل وجبة، يمكن الحصول على نصف كوب من الأرزّ الكامل للحصول على نسبة عالية من الألياف والمغذّيات
الشاي الأخضر
على رغم احتمال احتواء بعض أنواعه نسبة كافيين أعلى من بعض أنواع الشاي الأسود، غير أنّ هذا المشروب يضمّ الكثير من مضادات الأكسدة التي تخفّض الكولسترول وضغط الدم وتعزّز الجهاز المناعي وتحارب الجذور الحرّة المحفّزة للسرطان. ومن المعروف أنّ الشاي الأخضر مرتبط بتقليص خطر مشكلات القلب والسكتات الدماغية
الفاكهة
بالنسبة إلى اليابانيين، ليس من الضروري تناول الحلوى بعد انتهاء الوجبة. ولكن في حال أرادوا ذلك يتجنّبون الكايك بالشوكولا ويستبدلونه بالفاكهة أو ما يُعرف بالعجينة مصنوعة من الفاصولياء وتكون محلّاة. لكن بالتأكيد هذا لا يعني أنهم يمتنعون كلّياً عن الشوكولا والكوكيز والبوظة، إنما يستهلكونها من حين إلى آخر وباعتدال
الأكل الطازج
يهمّ الشعب الياباني أن يحصل على الأطعمة الطازجة وفي موسمها لاستمداد أعلى نسبة ممكنة من المغذّيات. واللافت أنهم لا يكتفون فقط بوَضع تاريخ إنتاج المواد الغذائية إنما أيضاً يحدّدون الوقت
طريقة الطبخ
إنها خفيفة جداً ويتمّ استخدام الطبخ على البخار أو الشوي أو السوتيه، وإذا أرادوا القلي يلجأون إلى طريقة «Stir-Frying» التي تعتمد على قلي المكوّنات سريعاً بواسطة كمية ضئيلة من الزيت الساخن جداً. عموماً يركّزون على النكهات للحصول على مذاق رائع، وليس على الزيوت
الأكل بكمية أقل
يتّبع اليابانيون مبدأ التوقّف عن الأكل عندما يشعرون بالشبع بنسبة 80 في المئة. إنهم يستهلكون ¾ الصحن، ما يعني أنهم يحصلون على ¾ كمية الوحدات الحرارية. وكنتيجة لذلك، تحتوي الوجبة اليابانية 25 في المئة كالوري أقلّ مقارنةً بالأطباق الأخرى الغربية. وعادة يتمّ تقديم الأكل بصحن أصغر تقريباً بثلث صحن البلدان الغربية، ويحرصون على عدم ملئه كثيراً أو وضع كميات كبيرة من نوع معيّن
الفطور
يُعتبر من أهمّ الوجبات بالنسبة إليهم وأكبرها! يتضمّن عموماً الشاي الأخضر، والقليل من الأرزّ، وشوربة ميزو مع توفو، وكمية قليلة من العشب البحري «النوري»، ثم عجّة وقطعة سمك
الرياضة اليابانية
لا يُنصح فقط بالأكل مثل اليابانيين إنما أيضاً بتقليدهم لناحية حيويتهم ونشاطهم. لبلوغ 100 عام، تحدّثت مجلة «تايم» عام 2004 عن أنّ الشعب الياباني يتمتّع بصحّة جيدة ومظهر رشيق لأنه لن يتخلّى نهائياً عن الحركة ويُدخلها بأبسط الطرق إلى يومياته. لذلك إبحثوا عن شتّى الوسائل التي تدفعكم إلى الحركة والتغلّب على الخمول والجلوس المطوّل، كالمشي وركوب الدرّاجة الهوائية
لكن على رغم كلّ هذه الإيجابيات، فإنّ الغذاء الياباني لن يخلو من النقاط السلبية. وفي هذا السياق، أوضحت بدروسيان أنّ «اليابانيين يتناولون كمية عالية من الصوديوم، كالكبيس والأكل المكبوس والصويا الغنية بالملح. إذا أردتم اتّباع هذا النظام، تناولوا كمية ضئيلة من الصويا أو اشتروا النوع القليل الصوديوم
وختاماً، لفتت الانتباه إلى أنّ «الجيل الياباني الجديد بدأ يتجه نحو الغذاء الغربي، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع معدل البدانة. إذا أردتم الوقاية من الأمراض والعيش لأعوام طويلة، تقيّدوا بالغذاء الياباني التقليدي وستشعرون حتماً بالخفّة والصحّة وفي الوقت ذاته تستمتعون بألذّ المأكولات وتزوّدون أجسامكم بأهمّ المغذّيات
Author Info
Dietitian Christelle Bedrossian
Dietitian Christelle Bedrossian dedicates some of her time to address us through the various media outlets and provide answers to our questions. As a prominent professional in the field of dietetics, Dietitian Christelle Bedrossian is frequently hosted on several local and international television and radio stations to offer up to date advice and tips on health and nutrition. Dietitian Christelle Bedrossian is a writer and nutrition consultant for a variety of written publications, both print and online magazines and newspapers.